- سالم1966عضو جديد
- عدد المساهمات : 30
العمر : 46
النقاط : 5718
تاريخ التسجيل : 29/12/2008
السٌّمعَة : 1
ترك الدنيا(2)
الثلاثاء ديسمبر 30, 2008 3:57 pm
وقال بعضهم: يا أيها الإنسان (لا تتجبر وتتكبر) فليس التكبر لمن خلق من التراب وإليه يعود وكيف يتكبر من أوله نطفة قذرة وآخرة جيفة قذرة وهو يحمل بين جنبيه العذرة، وأعلم أنه ليس بعظيم من تصرعه الأسقام وتفجعه الآلام وتخدعه الأيام لا يأمن الدهر أن يسلبه شبابه وملكه وينزل من علو سريره إلى ضيق قبره، وإنما الملك هو العاري من هذه المعائب، ثم أنشد شعرا
أين الملوك وأبناء الملوك ومن
قاد الجيوش ألا يا بئس ما عملوا
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
غُلب الرجال فلم ينفعهم القلل
فانزلوا بعد عز عن معاقلهم
واسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا
أين الأسرة والتيجان والكلل
أين الوجوه التي كانت منعمة
من دونها تُضربُ الأستار والحجل
فافصح القبر عنهم حين سائلهم
تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
فأصبحوا بعد طيب الأكل قد أُكلوا
سالت عيونهم فوق الخدود ولو
رأيتهم ما هناك العيش يا رجل
ما هناك: أي لم تشعر بالسعادة والسرور بعد ذلك.
أقول: ذكر الشيخ المجلسي قدس سره في البحار 50: 211، عن المسعودي في مروج الذهب: سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد عليهما السلام أن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على الوثوب بالدولة ، فبعث إليه جماعة من الاتراك ، فهجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا ووجدوه في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصا وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن . فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له : لم نجد في بيته شيئا ووجدناه يقرء القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه والكاس في يد المتوكل . فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكاس التي كانت في يده فقال : والله ما يخامر لحمي ودمي قط ، فاعفني فأعفاه ، فقال : أنشدني شعرا فقال عليه السلام : إني قليل الرواية للشعر فقال : لابد فأنشده عليه السلام وهو جالس عنده: باتوا على قلل الأجبال...إلى آخر الأبيات...
وقال الإمام الحسين عليه السلام: يا ابن آدم تفكر وقل أين ملوك الدنيا وأربابها الذين عمروا واحتفروا أنهارها وغرسوا أشجارها ومدنوا مدائنها فارقوها وهم كارهون وورثها قوم آخرون، ونحن بهم عما قليل لاحقون، يا ابن اذكر مصرعك وفي قبرك مضجعك وموقفك بين يدي الله تشهد جوارحك عليك يوم تزل فيه الأقدام وتبلغ القلوب الحناجر، وتبيّض وجوه وتسود وجوه وتبدو السرائر ويوضع الميزان للقسط، يا ابن آدم اذكر مصارع آبائك وأبنائك كيف كانوا وحيث حلوا وكأنك عن قليل قد حللت محلهم وصرت عبرة للمعتبر، وأنشد شعرا:
أين الملوك التي عن حفظها غفلت
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
تلك المداين في الآفاق خالية
عادت خرابا وذاق الموت بانيها
أموالنا لذوي الوراث نجمعها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
ما وصف أحد الدنيا وعبر عنها كما وصفها وعبر عنها أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: دار بالبلاء محفوفة، وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، ولا تسلم نزالها، أحوالٌ مختلفة، وتارات متصرفة والعيش فيها مذموم، والأمان فيها معدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، وتفنيهم بحمامها، واعلموا عباد الله أنكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممن كان أطول منكم أعمارا، وأعمر ديارا، وأبعد آثارا، أصبحت أصواتهم هامدة ورياحهم راكدة، وأجسادهم بالية، وديارهم خالية، وآثارهم عافية، فاستُبدلوا بالقصور المشيدة، والنمارق الممهدة، الصخور والأحجار المسندة، والقبور اللاطئة الملحدة، التي قد بني على الخراب فناؤها، وشيِّد بالتراب بناؤها، فمحلُّها مقترب، وساكنها مغترب بين أهل محلَّة موحشين، وأهل فراغ متشاغلين، لا يستأنسون بالأوطان، ولا يتواصلون تواصل الجيران، على ما بينهم من قرب الجوار، ودنو الدار، وكيف يكون بينهم تزاور وقد طحنهم بكلكله (كلكل، وهو الصدر، ويقال للأمر الثقيل: قد اناخ عليهم بكلكله، أي: هدهم ورضهم كما يهد البعير البارك من تحته إذا انحى عليه بصدره) البلاء، وأكلتهم الجنادل والثرى وكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه، وارتهنكم ذلك المضجع، وضمَّكم ذلك المستودع. فكيف بكم لو تناهت بكم الأمور، وبُعثرت القبور: {هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} يونس: 30. ودخل أبو هذيل دار المأمون فقال: إن دارك هذه كانت مسكونة قبلك من ملوك درست (أي: مُحيت وذهبت) آثارهم فالسعيد من وعظ بغيره.
أين الملوك وأبناء الملوك ومن
قاد الجيوش ألا يا بئس ما عملوا
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
غُلب الرجال فلم ينفعهم القلل
فانزلوا بعد عز عن معاقلهم
واسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا
أين الأسرة والتيجان والكلل
أين الوجوه التي كانت منعمة
من دونها تُضربُ الأستار والحجل
فافصح القبر عنهم حين سائلهم
تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
فأصبحوا بعد طيب الأكل قد أُكلوا
سالت عيونهم فوق الخدود ولو
رأيتهم ما هناك العيش يا رجل
ما هناك: أي لم تشعر بالسعادة والسرور بعد ذلك.
أقول: ذكر الشيخ المجلسي قدس سره في البحار 50: 211، عن المسعودي في مروج الذهب: سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد عليهما السلام أن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على الوثوب بالدولة ، فبعث إليه جماعة من الاتراك ، فهجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا ووجدوه في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصا وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن . فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له : لم نجد في بيته شيئا ووجدناه يقرء القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه والكاس في يد المتوكل . فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكاس التي كانت في يده فقال : والله ما يخامر لحمي ودمي قط ، فاعفني فأعفاه ، فقال : أنشدني شعرا فقال عليه السلام : إني قليل الرواية للشعر فقال : لابد فأنشده عليه السلام وهو جالس عنده: باتوا على قلل الأجبال...إلى آخر الأبيات...
وقال الإمام الحسين عليه السلام: يا ابن آدم تفكر وقل أين ملوك الدنيا وأربابها الذين عمروا واحتفروا أنهارها وغرسوا أشجارها ومدنوا مدائنها فارقوها وهم كارهون وورثها قوم آخرون، ونحن بهم عما قليل لاحقون، يا ابن اذكر مصرعك وفي قبرك مضجعك وموقفك بين يدي الله تشهد جوارحك عليك يوم تزل فيه الأقدام وتبلغ القلوب الحناجر، وتبيّض وجوه وتسود وجوه وتبدو السرائر ويوضع الميزان للقسط، يا ابن آدم اذكر مصارع آبائك وأبنائك كيف كانوا وحيث حلوا وكأنك عن قليل قد حللت محلهم وصرت عبرة للمعتبر، وأنشد شعرا:
أين الملوك التي عن حفظها غفلت
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
تلك المداين في الآفاق خالية
عادت خرابا وذاق الموت بانيها
أموالنا لذوي الوراث نجمعها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
ما وصف أحد الدنيا وعبر عنها كما وصفها وعبر عنها أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: دار بالبلاء محفوفة، وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، ولا تسلم نزالها، أحوالٌ مختلفة، وتارات متصرفة والعيش فيها مذموم، والأمان فيها معدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، وتفنيهم بحمامها، واعلموا عباد الله أنكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممن كان أطول منكم أعمارا، وأعمر ديارا، وأبعد آثارا، أصبحت أصواتهم هامدة ورياحهم راكدة، وأجسادهم بالية، وديارهم خالية، وآثارهم عافية، فاستُبدلوا بالقصور المشيدة، والنمارق الممهدة، الصخور والأحجار المسندة، والقبور اللاطئة الملحدة، التي قد بني على الخراب فناؤها، وشيِّد بالتراب بناؤها، فمحلُّها مقترب، وساكنها مغترب بين أهل محلَّة موحشين، وأهل فراغ متشاغلين، لا يستأنسون بالأوطان، ولا يتواصلون تواصل الجيران، على ما بينهم من قرب الجوار، ودنو الدار، وكيف يكون بينهم تزاور وقد طحنهم بكلكله (كلكل، وهو الصدر، ويقال للأمر الثقيل: قد اناخ عليهم بكلكله، أي: هدهم ورضهم كما يهد البعير البارك من تحته إذا انحى عليه بصدره) البلاء، وأكلتهم الجنادل والثرى وكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه، وارتهنكم ذلك المضجع، وضمَّكم ذلك المستودع. فكيف بكم لو تناهت بكم الأمور، وبُعثرت القبور: {هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} يونس: 30. ودخل أبو هذيل دار المأمون فقال: إن دارك هذه كانت مسكونة قبلك من ملوك درست (أي: مُحيت وذهبت) آثارهم فالسعيد من وعظ بغيره.
رد: ترك الدنيا(2)
الثلاثاء ديسمبر 30, 2008 4:45 pm
أين الملوك وأبناء الملوك ومن
قاد الجيوش ألا يا بئس ما عملوا
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
غُلب الرجال فلم ينفعهم القلل
فانزلوا بعد عز عن معاقلهم
واسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا
مواضيعك في الزهد بالدنيا وتركها
في غلية الروعة والفائدة
لك جزيل الشكر والعرفان
قاد الجيوش ألا يا بئس ما عملوا
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
غُلب الرجال فلم ينفعهم القلل
فانزلوا بعد عز عن معاقلهم
واسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا
مواضيعك في الزهد بالدنيا وتركها
في غلية الروعة والفائدة
لك جزيل الشكر والعرفان
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى